عرض مشاركة واحدة
  1  
سهى هالو
البناء القبور الاسلام


من رحمة الله -عز وجل- بعباده أن أوجب عليهم دفن موتاهم، لما يترتب على ذلك من مصالح، ودفع أضرار، ولما فيه من تكريم بني آدم. ومن ثَم بعث الله –تعالى- مَن يُعلِّم الإنسان كيف يَدفن مواتاه كما جاء في قصة ابني آدم عليه السلام: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: 31].

وهَدْي النبي -صلى الله عليه وسلم- وحُكمه وطريقه جِهة القبور مشهور معلوم، ومعروف مستفيض، جلي لا خفاء فيه، ظاهر لا يكتنفه غموض، مبسوط في كتب الحديث والسنة منثور، تصله يد الذَّكَر والأنثى، ولا يصعب استخراجه على المميز الصغير ولا على الشَّاب ولا على الكبير الطاعن في السن، ولا يستعصي فهمه على أمي لا يقرأ ولا يكتب، ولا على ماهر بالقراءة والكتابة.

وهذا الهدي القويم، والحكم الواضح المبين، والطريق المستقيم، هو:

تحريم البناء على القبور، وهدم ما كان مبنيًا منها، وتسويته بالأرض، وألا ترفع عن الأرض إلا بمقدار شِبْر؛ ليَعرِفَ مَن مرَّ بها أنها قبور فلا يدوسها ولا يمتهنها، بل ليدعو لأهلها بالمغفرة والسلامة من العذاب.

س: لاحظت عندنا على بعض القبور عمل صبة بالأسمنت بقدر متر طولا في نصف متر عرضا، مع كتابة اسم الميت عليها وتاريخ وفاته وبعض الجمل (اللهم ارحم فلان بن فلان..) وهكذا، فما حكم مثل هذا العمل؟

ج: لا يجوز البناء على القبور لا بصبة ولا بغيرها، ولا تجوز الكتابة عليها؛ لما ثبت عن النبي ﷺ من النهي عن البناء عليها والكتابة عليها، فقد روى مسلم -رحمه الله- من حديث جابر  قال: نهى رسول الله ﷺ أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه وخرجه الترمذي وغيره بإسناد صحيح وزاد: وأن يكتب عليه ولأن ذلك نوع من أنواع الغلو فوجب منعه؛ ولأن الكتابة ربما أفضت إلى عواقب وخيمة من الغلو وغيره من المحظورات الشرعية، وإنما يعاد تراب القبر عليه ويرفع قدر شبر تقريبا حتى يعرف أنه قبر، هذه هي السنة في القبور التي درج عليها رسول الله ﷺ وأصحابه .
ولا يجوز اتخاذ المساجد عليها ولا كسوتها ولا وضع القباب عليها؛ لقول النبي ﷺ: لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد متفق على صحته. ولما روى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبدالله البجلي قال: سمعت رسول الله ﷺ قبل أن يموت بخمس يقول: إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
ونسأل الله أن يوفق المسلمين للتمسك بسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام، والثبات عليها، والحذر مما يخالفها، إنه سميع قريب.

المواضيع المتشابهه: